ماذا بعد رمضان ؟

ماذا بعد رمضان؟

الحمد لله الذي منَّ علينا بشهر رمضان وعيد الفطر السعيد نسأل الله تعالى أن يُعيدهُ على الأمة وقد تغير الحال إلى أحسن حال، ها قد إنقضى رمضان لكن الخير لم ينقضِ، وبئس العبد لا يفعل طاعة الله إلا في رمضان ويغرق بالمعاصي بعد رمضان، وإن قوماً يودعون رمضان ثم يعودون لما نهوا عنه وكأنهم لم يستفيدوا من مزايا الصيام التى منها أن يَكبَحَ العبدُ جماح شهواته وأن يمسك بزمامِها عن ما لا خير فيه، في رمضان أمسكنا عن الطعام والمفطرات بالنهار لنتعود أن نمُسك عن ما فيه شهوة للنفس محرمة في غير رمضان إنَّ شاءَ الله، أمسكنا عن الحلال طاعة لله وتعبداً، ونبتعدُ عن الحرام طاعة لله وخشية، ما أجملَ أن يُتبِعَ العبد الطاعة بالطاعة والإحسان بالإحسان والخير بالخيرات، وما أقبحَ من أن يُتبع العبد الطاعة بالمعصية والخير والتقوى والإحسان بالمعصية والفجور والعصيان، فمن أدى الصلوات المفروضات في رمضان قبيحٌ أن يترك الصلاة بعد رمضان، ومن تطوع بالقيام فما ما أجمل أن يقوم في غير رمضان ويتهجد ويتعبد، ومن غلب نفسه وكظمَ غيظه وأكثر من حسن الخلق حريٌ به بعد رمضان أن يداوم على الخير، ومن جادَ على المساكين فلا تشح يدهُ بعد رمضان، فخيرُ العمل ما دوّمَ عليه وقليل مُداومٌ عليه خيرٌ من كثير منقطع، فالله تعالى يعبد ويطاعُ في رمضان وفي كل الأحوال والأيام ومن غض بصره في رمضان عن النظر الحرام فليتق الله ولا يطلق لعينهِ العنَان بعد رمضان،!!

ويا من حَفِظتَ لسانك عن الحرام في رمضان فتجنبتَ الكذب والغيبة والكلام المؤذي إتقِ الله بعد رمضان وداوم على القول الحسن وذكر الله وكثرة الصمت إلا من الخير، ويا من داومت على مجالس العلم ورياض الخير وحِلَقِ الذكر ومراجعة مسائل العقيدة فلا تترك بعد رمضان، داوم على حضور مجالس العلم النافع واحمل معك من تحب ومن تسطيع لتلك المجالس فمن دعى لخير كان له مثل أجر الفاعل ، فما أجمل أن تكون داعياً إلى هدى وسبباً لرشاد ومفتاحاً لخير مِغلاقاً  للشر فإن لم تحمل معك إلى حلق العلم غيرك كن ناقلاً للخيرات وما تسمعه من مسائل مفيدة فقد كان الصحابة الكرام من غابَ منهم عن مجلس العلم لعمل أو حاجة حصّلَ في الليل ما فاته من الخير ممن حضر، إحرص على ذلك ففي ذلك خيرات وبركات تدخر لك بعد الموت، المسلم يثبت على الطاعة ما بقي حي، والله أمرنا بالعبادة والثبات على الدين والإيمان حتى الموت قال الله تعالى واعبد ربكَ حتى يأتيكَ اليقين أي حتى يأتيكَ الموت، إنَّ الإنسان خُلقَ ليعرف ربه ويعبده، ومعرفة الله تعالى تكون بمعرفة صفاته والإيمان به أنه واحدٌ أحد لاشريك ولامثيل ولاشبيه له، وأنه خَلقَ العالم بما فيه من السماوات والأرض وما فيهما وما عليهما والله تعالى لايحتاج لشىء، فلا طاعةُ الطائعين تنفعهُ ولا عصيان العصاة يضرهُ بل العبد هو الفقير المحتاج إلى الله ، والله هو الغنيُ عن العالم غني عن البشر والأنبياء والملائكة غنيٌ عن السماء والجنة والعرش الكل محتاج إلى الله، والله تعالى ليس بحاجة لأحد، والإنسان لم يخلق ليعمل من عند نفسه ديناً له، وإنما خلق لعبادة ربه على الدين الذي رضيه الله لنا والشرع الذي جاء به نبينا صلى الله عليه وسلم، الإنسان لم يخلق ليعمر هذه الدنيا الصغيرة الفانية، قال الله تعالى وما خلقتُ الجنَّ والإنسَ إلا ليعبدون وإنَّ المؤمن يعيشُ عبداً لربه الواحد الأحد الذي خلق كل شىء و أوجده الله الذي لايجري شىء في  الوجود إلا بمشيئته وخلقه وعلمه سبحانه وتعالى، والمسلم يعمل لحياته الأخروية يعمل ويجد ويجتهد في الخيرات ويترك المنكرات والمحرمات، قال الله تعالى أفحسبتم أنمّا خلقناكم عَبثًا وأنكم إلينا لا ترجعون فتعالى الله الملكُ الحق تعالى الله أن يخلقنا عبثًا، تعالى الله أن يخلق السموات والأرض عبثا، العبد هو الذي ينتفع بالطاعة ويثاب من الله عليها في الآخرة وهو الذي ينضرُ بالمعصية وقد يعاقب عليها، والمؤمن حياته واضحة لا غبنَ فيها ولا ريب  والطريق كذلك واضح المعالم على المحجة البيضاء، أما غير المؤمن يعيش في الدنيا تتوزعه هموم كثيرة وتتنازعه غايات شتى، هذه تميلُ به ذات اليمين وتلك تميل به ذات الشمال لا مع هؤلاء ولا مع هؤلاء، لا يدري أيها يُرضى حائر حتى في إرضاء المجتمع أي الأصناف يرضيهم  ويسارع في هواهم، فإنه إن أرضى أناسًا لا يرضي عنه آخرون  فإن رضى الناس غاية لا تدرك.

لذلك الإشتغال بما يرضى الله تعالى رب العالمين هو الأنفع وهو التجارة الرابحة التى لاتبور، وكن على ذكر أن من أرضى الناس بسخط الله سخط الله عليه، فالحذر الحذر من مايفعله البعض من ترك الصلوات المفروضات بعد رمضان والإنجراف إلى المعاصي المضرة بالبدن وبالفرد والمجتمع، وأذكركم بسنة وردت عن النبي عليه الصلاة والسلام وهي وإن كان الصوم المفروض قد انقضى فإن من نافلة الصوم صيام ست أيام من شوال الشهر الذي يلي رمضان، ففي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من صام َرمضانَ ثمَّ اتبَعهُ بستٍ من شوال كانَ كصيامِ الدهر وتحصلُ السنة بصيام الست متواليات أومتفرقات نسأل الله تعالى أن يعيد علينا وعلى الأمة هذه الأيام بالخير والبركات والنصر والعزة والأمن والأمان.