يوم عرفة وعيد الأضحى المبارك

يوم عرفة وعيد الأضحى المبارك

التاسع من شهر ذي الحجة هو يوم عرفة وهو أفضل يوم في السنة كلها وهذا اليوم المبارك يسنُ لغير الحاج صومه وهو يوم عظيم القدر عند المسلمين ففي ذلك اليوم يجتمع الحجيج في الموقف في أرض عرفات وتلهج ألسنتهم بذكر الله والإستغفار والدعاء وقول لاإله إلا الله وحده لاشريك له، وبعده يكون يوم العيد للناس وللحجاج الذين تزدحم أعمال الخير في ذلك اليوم ففيه أهم أعمال الحجيج، ففيه يرمون جمرة العقبة ويطوفون بالبيت طواف الركن الإفاضة ويحلقون رؤوسهم ويذبحون الأضاحي والهدي، ويبقون في أرض منى تعبداً وتبعاً لسنة النبي صلى الله عليه وسلم، أما غير الحجاج فإنهم يصلون العيد ويذبحون أضاحيهم و ويكثرون عند كل أذان وصلاة وفي ليل ونهار من التكبير فيكبرون ويحمدون. فحق لهذا اليوم أن تكون له مزيته وشرفه، فلنحمد الله على هذه النعمة ولنجدد الشكر له سبحانه وتعالى و يشرع للجميع الإكثار من التكبير والذكر في هذا اليوم وفي يوم العيد وأيام التشريق، فهي أيام ذكر وشكر كما قال سبحانه وتعالى: وَأَذّن فِى ٱلنَّاسِ بِٱلْحَجّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَىٰ كُلّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلّ فَجّ عَميِقٍ لّيَشْهَدُواْ مَنَـٰفِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ فِى أَيَّامٍ مَّعْلُومَـٰتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُمْ مّن بَهِيمَةِ ٱلاْنْعَامِ ولقوله سبحانه :وَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ فِى أَيَّامٍ مَّعْدُودٰتٍ بقول: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد، ويقول: الله أكبر الله، أكبر الله أكبر كبيراً.، ويسن الجهر بها إعلاناً لذكر الله وشكره وإظهاراً لشعائره. أما العيد والفرح فيه فهو من محاسن هذا الدين وشرائعه، فعن أنس قال: قدمَّ النبي ولأهل المدينة يومان يلعبون فيهما في الجاهلية فقال: قدمت عليكم، ولكم يومان تلعبون فيهما في الجاهلية، وقد أبدلكم الله بهما خيراً منهما: يوم النحر ويوم الفطر أحمد وأبو داود والنسائي. ويستحب للمسلم التجمّل في العيد بلبسُ الحسن من الثياب والتطيب من غير إسراف، وفي صلاة العيد المسلمون يجتمعون لها مثل صلاة الجمعة، وقد شرع فيها التكبير سبع تكبيرات في الركعة الأولى وخمس تكبيرات في الثانية. ويستحب في عيد الأضحى أن لا يأكل إلا بعد صلاة العيد ويستحب للمصلي يوم العيد أن يأتي من طريق ويعود من طريق آخر إقتداءاً بالنبي صلى الله عليه وسلم فعن جابر قال: كان النبيّ إذا كان يوم عيد خالف الطريق، ويستحب له الخروج ماشياً إن تيسر، ويكثر من التكبير حتى يحضر الإمام.   وأيام العيد ليست أيامَ غفلة، بل هي أيام عبادة وشكر، والمؤمن يتقلب في أنواع العبادة ومن تلك العبادات التي يحبها الله تعالى ويرضاها صلة الأرحام وزيارة الأقارب وترك التباغض والتحاسد، والعطف على المساكين والأيتام، وإدخال السرور على الأهل والعيال، ومواساة الفقراء وتفقد المحتاجين من الأقارب والجيران. ومن شعائر يوم العيد ذبح الأضاحي تقرباً إلى الله عز وجل لقوله سبحانه فَصَلّ لِرَبّكَ وَٱنْحَرْ، ويقول الله سبحانه تعالى: وَٱلْبُدْنَ جَعَلْنَـٰهَا لَكُمْ مّن شَعَـٰئِرِ ٱللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَٱذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ ٱلْقَـٰنِعَ وَٱلْمُعْتَرَّ كَذٰلِكَ سَخَّرْنَـٰهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ، وجعلها من شعائره. ثم بين سبحانه الحكمة من ذبح الأضاحي والهدايا بقوله تبارك وتعالى: لَن يَنَالَ ٱللَّهَ لُحُومُهَا وَلاَ دِمَاؤُهَا وَلَـٰكِن يَنَالُهُ ٱلتَّقْوَىٰ مِنكُمْ كَذٰلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبّرُواْ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَبَشّرِ ٱلْمُحْسِنِينَ فإنّ الخالق الله تعالى الرازق فلا يناله شيء من لحومها ولا دمائها، لأنه تعالى هو الغني عما سواه، وإنما العبد يناله الأجر والثواب بالإخلاص فيها والاحتساب والنية الصالحة، ولهذا قال الله تعالى: وَلَـٰكِن يَنَالُهُ ٱلتَّقْوَىٰ مِنكُمْ، ولذا كان على المسلم أن يستشعر في ذبح الأضاحي التقرب والإخلاص لله تعالى بعيداً عن الرياء والسمعة والمباهاة، وامتثالاً لقوله سبحانه وتعالى: قُلْ إِنَّ صَلاَتِى وَنُسُكِى وَمَحْيَاىَ وَمَمَاتِى للَّهِ رَبّ ٱلْعَـٰلَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذٰلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ ٱلْمُسْلِمِينَ، وللأضحيّة شروط لا بُدَّ من توفرها، منها السلامة من العيوب التي وردت في السنة، وقد بين العلماء هذه العيوب مفصلة، ومن شروطها أن يكون الذبح في الوقت المحدد له، وهو من إنتهاء صلاة العيد إلى غروب شمس آخر أيام التشريق، وهو اليوم الثالث عشر، والمقام لا يسع للتفصيل في ذلك، وينبغي أن لا ينسى المسلمون إخوان لهم تحت ظلم الإحتلال وخطر الحرب وأيتام وأرامل غيبَ الهمُّ والحزنُ عنهم فرحة العيد وبهجته، فنسأل الله تعالى أن يفرج عن الأمة شر ما نتخوف منه وأن يُعيدَ علينا العيد بالنصر والعزة والأمان وكل عام وأنتم بخير.